عفت بنت محمد بن سعود الثنيان آل سعود هي واحدة من الشخصيات النسائية البارزة في التاريخ السعودي، ولدت عام 1916م في تركيا،عاشت في فترة حرجة من تاريخ البلاد، حيث شهدت تأسيس الجمهورية التركية تحت قيادة مصطفى كمال أتاتورك،تزوجت من الملك فيصل بن عبد العزيز عام 1932، وقد أدت دورًا كبيرًا في تعزيز مكانة المرأة في المجتمع السعودي،توفيت في فبراير عام 2000، تاركة وراءها إرثًا ثقافيًا وتعليميًا هائلاً،
تُعتبر عفت بنت محمد بن سعود الثنيان الروح الحية لمجموعة من الإصلاحات الاجتماعية والثقافية في السعودية،فقد وُلدت لأب ينتمي إلى عائلة سعودية، ولكنها قضت معظم طفولتها في تركيا حيث اكتسبت تعليمًا جيدًا،بعد عودتها إلى المملكة، كانت عفت من بين أوليات النساء اللواتي عملن على تغيير للنظرة السلبية تجاه عمل المرأة وتعلمها،كان لوجودها في الساحة الوطنية تأثيرٌ كبير، إذ أدّت دورًا بارزًا في تعزيز حقوق المرأة وفتح باب التعليم،
نشأت عفت في أسرة تعاني من الفقر بعد وفاة والدها أثناء الحرب، حيث عانت مع عائلتها، مما دفعها لتقدير التعليم كوسيلة للخلاص،من خلال التعليم، حصلت على دبلوم معلمات وعملت على نقل تقاليدها إلى أنجالها،بزغت في حياتها فكرة تعليم المرأة كأداة للتطوير الاجتماعي، وعملت بجهد لتحقيق ذلك من خلال تأسيس مدارس للبنات، مثل “دار الحنان”،من المهم أن نذكر أنها كانت داعمة نشطة للحركة التعليمية،

تجاوزت عفت الصعوبات التي واجهتها في حياتها، وبفضل شجاعتها وإرادتها، ساهمت في وضع حجر الأساس ل أعداد المدارس للنساء ومراكز التعليم،كما ألهمت الكثير من النساء في المملكة للانطلاق نحو التعليم وتولي المناصب العامة،كانت تسعى لتعزيز مكانة النساء في المجتمع من خلال التعليم والتثقيف،
دعم الملكة عفت للحركة التعليمية لم يتوقف عند حدود التعليم الأساسي، بل شمل أيضًا إقامة مؤسسات تعنى بتعليم الفتيات في مجالات متنوعة،كما ساهمت في تشجيع التعليم العالي والدراسات العليا للنساء، حيث تبوأت مناصب مهمة في الكليات النسائية المتخصصة،نتيجة لذلك، أصبحت مشرفة على التعليم النسائي في بعض الكليات، حيث كانت لها رؤية واضحة لأهمية التعليم في دفع النساء نحو الاستقلال،
الملكة عفت لم تكن مجرد رمز للتعليم والتثقيف، بل كانت أيضًا شخصية مؤثرة في المجال الثقافي،كانت تحب القراءة وتخصصت في بناء مكتبة كبيرة في منزلها،كما كانت تدعو دائمًا إلى أهمية القراءة والثقافة كوسيلة لتنمية المجتمع،وقد نظمت فعاليات ثقافية مثل “أسبوع الكتاب” الذي كان له مكانة خاصة في دار الحنان، حيث كانت تراقب بناتها وتوجههن نحو تخصيص موضوعات فريدة ومهمة،
وبذلك، لم تنحصر إسهامات الملكة عفت في المجال التعليمي فحسب، بل تعدت ذلك إلى دعم عمل المرأة ومساعدتها في الحصول على حقوقها الاجتماعية والاقتصادية،قامت بإنشاء جمعية خيرية لتمكين النساء ودعمهن في جميع مجالات الحياة،ساهمت هذه المبادرات في ترسيخ قيم التعليم والعمل لدى النساء، وهو ما أسهم بشكل فعّال في تطوير المجتمع بأكمله،
على الصعيد الإعلامي، على الرغم من كل الإنجازات التي حققتها، لم تكن الملكة عفت تُفضل الظهور في الإعلام،ولم توافق على إجراء العديد من اللقاءات الصحفية، لكنها عُرفت بصماتها الواضحة في العمل الاجتماعي والثقافي،تعتبر الملكة عفت مثالًا يحتذى به لكثير من النساء في العالم العربي، حيث تجمع بين قوة الإرادة وقدرة التأثير والتغيير،
رحلت الملكة عفت في فبراير عام 2000، تاركة إرثًا حافلًا يكاد يتلاشى شيئًا فشيئًا، ولكن إنجازاتها ستظل محفورة في ذاكرة الوطن،ستظل قصتها ملهَمة للكثير من النساء، مما يوضح أن التعليم وتمكين المرأة هما مفتاحا التقدم والتنمية،بالنهاية، تُعتبر حياة الملكة عفت تجسيدًا للقوة والعطاء، مما يترك بصمة في التاريخ لا تُنسى،