تاريخ فلسطين المحتلة يعتبر موضوعًا غنيًا يستحق الدراسة والبحث، خاصةً عندما يتعلق الأمر بالفترة التي شهدت الفتوحات الإسلامية،تُعد فتح فلسطين حدثًا تاريخيًا مهمًا، حيث تجسدت فيه شجاعة الجيوش الإسلامية في استعادة الأراضي المنهوبة ورفع الظلم،المساهمة في تأسيس الحق والعدالة في تلك المنطقة المقدسة كانت هدفًا عظيمًا، مما يجعل البحث في هذه الأحداث ضروريًا لكل مهتم بتاريخ الأمة الإسلامية،سيسلط هذا المقال الضوء على متى تم فتح فلسطين والمعارك التي قادت إلى هذا الحدث الجلل.
متى تم فتح فلسطين
لقد كان لفلسطين مكانة خاصة في قلوب المسلمين، حيث أنها أولى القبلتين وموطن المعراج،في سياق الفتوحات الإسلامية، خاض المسلمون عدة معارك ضد الرومان، الذين كانوا يسيطرون على هذه الأراضي،في عام 16 هجريًا، أي ما يعادل 637 ميلاديًا، تمكن المسلمون من فتح فلسطين بشكل كامل،لكن ما هو التاريخ الدقيق للأحداث التي أدت إلى هذا الفتح سنستعرض المعارك الحاسمة التي خاضها المسلمون وكيف ساهمت في استعادة هذه الأرض المباركة.
من خلال الأحداث التاريخية، نلاحظ أن الفتوحات الإسلامية بدأت بمساعي الخلفاء الراشدين، والذي كان لديهم تركيز خاص على فلسطين،هذه الأرض كانت مطمعًا للعديد من القوى العسكرية، لذلك كانت ضرورية للمسلمين استعادة السيطرة عليها من الرومان،لقد شهدت فلسطين عدة معارك فاصلة، سنتحدث عنها بمزيد من التفصيل فيما يلي.
معركة مؤتة
شهدت معركة مؤتة، التي وقعت في عام 629 ميلادي، أول مواجهة مباشرة بين جيش المسلمين وخصومهم الروم البيزنطيين،قاد الصحابي زيد بن حارثة الجيش المسلم، وقد تم تكليفه بقيادة هذه الحملة من قبل النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-،لم تكن الأوضاع سهلة، حيث كان عدد جيش المسلمين ثلاثة آلاف مقاتل في مواجهة جيش روماني قوامه مئتا ألف مقاتل،استمرت المعركة لمدة ستة أيام، وكانت بمثابة اختبار كبير لقوة الإرادة في نفوس المجاهدين المسلمين.
حدثت استشهادات كبيرة في صفوف المسلمين، مما ألزمهم بالتفكير في استراتيجية جديدة للانسحاب،وقد تمكن القائد خالد بن الوليد من تنظيم انسحاب تكتيكي ناجح، مما أعطى الجيش المسلمين فرصة للعودة والتخطيط لمعارك أخرى،بذلك، كانت معركة مؤتة ضربة قوية للروم، رغم الخسائر التي تكبدها المسلمون.
معركة دائن
تعتبر معركة دائن من المعارك البارزة التي جرت بالقرب من غزة في عام 633 ميلادي،كانت تحت قيادة الخليفة أبو بكر الصديق، حيث قادها يزيد بن أبي سفيان بجيش قوامه ألف مقاتل ضد 300 جندي من جيش الروم،هذه المعركة كانت صغيرة، لكنها تركت أثرًا كبيرًا في نفوس المسلمين، ونجحوا في تحقيق نصر مؤزر على الروم، مما أعطى دفعة معنوية كبيرة للقادة والمجندين على حد سواء.
معركة أجنادين
تعد معركة أجنادين من أبرز المعارك التي غيرت مجرى التاريخ، حيث وقعت في عام 634 ميلادي،شهدت هذه المعركة تكوين أربعة ألوية تحت قيادة أفضل القادة المسلمين مثل أبو عبيدة بن الجراح ويزيد بن أبي سفيان،تعاونت هذه الألوية لتحقيق هدفهم المشترك في مواجهة الروم، وبرزت فيها استراتيجيات فريدة من نوعها في إدارة المعارك،لكن كانت الجيوش الإسلامية بحاجة إلى تعزيزات، لذلك استدعى الخليفة أبو بكر الصديق خالد بن الوليد للتوجيه والإشراف على العمليات العسكرية.
تخللت هذه المعركة صعوبات عديدة، حيث واجه الجيش المسلم مواجهة مباشرة مع ترسانة ضخمة من الروم،لكن تكتيكات أخرى من قِبَل خالد بن الوليد ساهمت في موازنة الكفة ونجاح المسلمين بالاعتماد على ثباتهم وقوتهم في قلب المعركة.
معركة اليرموك
تعد معركة اليرموك نقطة التحول الكبرى في الفتوحات الإسلامية، إذ وقعت في عام 636 ميلادي تحت قيادة خالد بن الوليد،تكبدت الجيوش الإسلامية خلال المعركة خسائر فادحة، إلا أن الإيمان الثابت ساعد المسلمين في التغلب على جيش رومي ضخم قوامه 240 ألف مقاتل،استمرت المعركة لستة أيام، وأظهر الجيش المسلم قدرته على الصمود رغم الفجوة العددية،بنهاية المعركة، قتل قائد الروم ماهان على يد أحد الجنود، ما شكل ضربة قاسية للخصم.
فتح القدس
انتهت الفتوحات الإسلامية في فلسطين بفتح القدس في عام 637 ميلادي،بعد حصار استمر ستة أشهر تحت قيادة أبو عبيدة بن الجراح، تم التوصل إلى اتفاق مع البطريرك صفرونيوس بتسليم المدينة،ويرتبط فتح القدس بالشروط التي وضعت من قبل المسلمين التي تضمنت احترام مقدسات أهل الكتاب وإعطائهم الحرية في ممارسة طقوسهم الدينية،وقد أعاد الخليفة عمر بن الخطاب اليهود إلى القدس بعد طردهم لمئات السنين،هذا الفتح كان بمثابة إنجاز عظيم للمسلمين، والذي يعكس عظمة روحهم وإيمانهم بحقهم في استعادة الأراضي المقدسة.
في الختام، نكون قد تناولنا أحداث فتح فلسطين بدءًا من معركة مؤتة، مرورًا بمعركة دائن وأجنادين، وصولًا إلى معركة اليرموك وأخيرًا فتح القدس،إن هذه الأحداث لم تكن مجرد معارك، بل كانت تجسيدًا للإيمان الثابت والبطولة التي أظهرها المجاهدون المسلمون في وجه الطغيان،إن دراسة هذه الفتوحات تعزز أهمية الوعي بتاريخ أمة المسلمين، وهي دعوة حقيقية للتمسك بحقوقنا وتراثنا ونصرة القضية الفلسطينية في جميع الأوقات.