تُعد مساحة أوكرانيا وروسيا من الموضوعات التي استحوذت على اهتمام الكثيرين منذ بروز التوترات بينهما في الآونة الأخيرة،يتزايد الفضول حول معلومات هذه الدولتين خاصة في ضوء الأزمات السياسية والعسكرية المستمرة،تسعى هذه المقالة لتقديم نظرة معمقة ليس فقط حول الأبعاد الجغرافية لكل من أوكرانيا وروسيا، بل أيضًا لاستكشاف الأسباب والنتائج المترتبة على النزاع المستمر بينهما،نهدف إلى تقديم معلومات وافية تدعم الفهم العام لطبيعة العلاقات بين الدولتين.
مساحة أوكرانيا وروسيا
تتمتع كلا الدولتين بموقع جغرافي استراتيجي لافت للنظر، إذ تُعتبر روسيا أكبر دول العالم من حيث المساحة، حيث تبلغ مساحتها 17.075.400 كيلومتر مربع،وهذا يجعلها تتقدم على العديد من الدول الأخرى في هذا الصدد،وإذا قمنا بتحليل التركيبة السكانية فإن روسيا تحتل المرتبة التاسعة عالميًا من حيث عدد السكان، حيث تبلغ مساحة اليابس في أراضيها حوالي 16.377.742 كيلومتر مربع، بينما تبلغ مساحة المسطحات المائية حوالي 720.500 كيلومتر مربع.
أما فيما يخص أوكرانيا، فهي تبرز كدولة تقع في شرق أوروبا وتحتوي على 24 أوبلاست (محافظة)،مساحتها تُقدر بـ 603.550 كيلومتر مربع، مما يعكس حجمها النسبي مقارنة بجارتها روسيا.
تشترك الدولتان في حدود طويلة، حيث تُظهر الخرائط الجغرافية أن أوكرانيا تحدها روسيا من الشرق، وهذا يجعل كلتا الدولتين متجاورتين وجزءًا من نفس السياق الجغرافي والاجتماعي.
تمثل أوكرانيا أيضًا عضوًا في رابطة الدول المستقلة، حيث كانت تاريخيًا جزءًا من الاتحاد السوفيتي السابق، وكانت تُعرف في ذلك الوقت باسم (جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفيتية).
الصراع بين أوكرانيا وروسيا
في الوقت الحاضر، تواجه أوكرانيا هجومًا عسكريًا من القوات الروسية، حيث يستهدف هذا الهجوم عدة مواقع عسكرية في مختلف المدن الأوكرانية،وأكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في عدة تصريحات تلفزيونية أنه لا ينوي احتلال أوكرانيا، لكن الأفعال على الأرض تشير إلى توجهات مختلفة، إذ بدأ الجيش الروسي في غزو عدة مناطق داخل الحدود الأوكرانية، مما يقوض مزاعمه.
من جانبهم، أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أنهم مستعدون تمامًا للدفاع عن أرضهم ضد هذا الغزو، حيث صرح في أحد بياناته المصورة بأن “لا ذعر، نحن أقوياء، وعلى أهبة الاستعداد لمواجهة أي شيء وسنتمكن من هزيمة أي عدو لأننا دولة أوكرانيا القوية”.
أسباب هجوم القوات الروسية على أوكرانيا
عند الحديث عن مساحة أوكرانيا وروسيا، من الضروري التطرق إلى الأسباب التي أدت إلى الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا،في عام 1991، كانت أوكرانيا وروسيا ضمن الدول التي ساهمت في انهيار الاتحاد السوفيتي، حيث اعتقد الكرملين أن بإمكانه السيطرة على أوكرانيا من خلال تقديم شحنات الغاز بأسعار منخفضة، لكن هذه الخطة في النهاية لم تتحقق.
في ذلك الوقت، تحالفت روسيا مع بيلاروسيا، مما أثار استياء الكرملين الذي كان مشغولاً بالحرب مع الشيشان،وفي عام 1997، اعترفت موسكو رسميًا بالحدود الأوكرانية من خلال ما يُعرف بـ (العقد الكبير)، مما أعطى بعض الطمأنينة المؤقتة للعلاقات بين الدولتين.
صارت العلاقات أكثر توتراً في عام 2003 عندما قامت روسيا ببناء سد في مضيق كيرتش بوجه جزيرة كوسا توسلا الأوكرانية، وأدى ذلك إلى أول أزمة دبلوماسية بينهما،ورغم أن الرئيس الروسي أوقف بناء السد، إلا أن العلاقات ظلت في حالة من الشك والقلق.
تسارعت الأحداث خلال انتخابات عام 2004 الرئاسية في أوكرانيا، عندما دعمت روسيا المرشح فيكتور يانوكوفيتش الذي خسر لصالح الرئيس فيكتور يوشتشينكو،بعد تلك الانتخابات، اتخذت روسيا خطوات قطع إمدادات الغاز عن أوكرانيا، وهو ما حدث مرتين في عامي 2006 و2009.
ظهور الخلاف بشكل واضح بين أوكرانيا وروسيا
بينما كانت الأوضاع تسير نحو تصاعد التوتر، شهد عام 2008 بداية ظهور خلافات أكثر عمقًا، خصوصًا بعد مساعي الرئيس الأمريكي جورج بوش لتضميم أوكرانيا وجورجيا إلى حلف شمال الأطلسي، مما جعل موسكو تعبر عن معارضتها الواضحة لاستقلال أوكرانيا.
وفي الوقت نفسه، تعززت العلاقات بين أوكرانيا والغرب بعد توقيع اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي في عام 2013، مما دفع موسكو إلى استخدام الضغوط الاقتصادية لتقويض هذه الروابط،ومع بداية عام 2014، بدأت روسيا في ضم القرم، مما أسفر عن تصاعد الحوثات إلى حرب غير معلنة تدريجياً.
ترافقت هذه الأحداث مع تحركات القوات الروسية نحو منطقة الدونباس، التي تحتوي على ثروات فحمية كبيرة، مما أثار المخاوف من اندلاع حرب شاملة،وقد رصدت بعثة مراقبة تابعة لمنظمة الأمن والتعاون وجود قوافل من الأسلحة تدخل إلى الأراضي الأوكرانية.
في يونيو من عام 2014، تم اللقاء الأول بين الرئيسين الروسي والأوكراني بوساطة ألمانية فرنسية، لكن لم يتم التوصل لتفاهم حقيقي،وفي عام 2015، اتخذت روسيا خطوات لإسكات المجتمع الدولي بشأن مقتل الجنود الروس في المعارك، ما أثار موجات من الإدانة الدولية.
أسباب الضرب العسكري لروسيا
أصبح الصراع بين الدولتين شبيهًا بالحرب الباردة، حيث تعمل روسيا على دعم الانفصاليين الذين تفادوا مواجهة مباشرة مع القوات الأوكرانية،وفي عام 2015، بدأت الأحداث تتصاعد برغم آمال سحب القوات من جانبي النزاع، لكن الأمور استمرت دون أي تقدم واضح.
واستمرت الضغوط السياسية نتيجة مطالب روسيا حول عدم انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو، حيث يتجلى التوتر في تصريحات الرئيس بوتين،الحرب الأهلية تمثل أحد أسوأ السيناريوهات التي يمكن أن تحدث، حيث يتعرض المواطنون الأبرياء لخسائر فادحة، في حين يستمر القادة في محادثاتهم السياسية وكأن الأمور عادت لطبيعتها.