في عالم الأدب والشعر، يعتبر أبو تمام واحداً من أعظم الشعراء العرب الذين أثرت أشعارهم في الأدب العربي حتى يومنا هذا،وُلد هذا الشاعر في عام 803 ميلادي في قرية “جاسم” الواقعة في جنوب سوريا، واستطاع بفضل موهبته الفطرية واجتهاده أن يتجاوز الصعوبات والتحديات في حياته ليصبح صوتاً مميزاً في زمنه،يتسم أسلوب أبي تمام بالتعقيد والعمق، مما أدى إلى تباين آراء النقاد حول قدراته الشعرية، لكن بلا شك، ترك إرثاً مهماً يتطلب منا الإطلاع عليه وفهمه،

من هو أبو تمام

  • اسمه بالكامل هو حبيب بن أوس بن الحارث الطائي، وُلد في عام 803 ميلادي في قرية “جاسم” في سوريا.
  • كان والداه يتبعان الديانة المسيحية، ثم اعتنقا الإسلام، وُصف بأنه طويل القامة ذو بشرة سمراء.
  • بدأ مسيرته الأدبية بعد استدعائه إلى مركز الخلافة العباسية من قبل الخليفة العباسي ليقوم بقراءة أشعاره.
  • تسمى بصوت أجش مما جعله يستعين برواة لإبلاغ أشعاره للخلفاء.
  • يشار إليه بين الشعراء بالمداح والنواحي، حيث كتب مجموعة كبيرة من القصائد، بلغ عددها 513 قصيدة تضمنت مجموعة من الأغراض الشعرية مثل الرثاء، الغزل، والمدح.
  • اشتهر بقوة إحساسه وعمق أفكاره، وهو ما جعل أشعاره تتميز بعبارة تجذب السامعين، لكن بعض النصوص كانت بحاجة إلى تأمل عميق لفهم معانيها.

تعرف على شخصية

حياة أبو تمام

  • شهد أبو تمام في الشام نشأته حيث اهتم بتعلم العلوم عبر دراسته للغة العربية وآدابها، بالإضافة إلى القواعد النحوية والدينية.
  • لاحقاً، انتقل إلى مصر حيث شارك في الحلقات الأدبية التي كانت تُقام في جامع عمرو بن العاص.
  • تميزت أشعاره بتنوعها بين الرثاء، كما يظهر في رثاء “عمير بن الوليد”، والمدح الذي شمل “عبد الله الظاهر” أحد حكام مصر في تلك الفترة.
  • رغم قدرته على تقليد أساليب الشعراء السابقين، إلا أنه قدم أسلوباً فريداً تميز به في إلقاء أشعاره ومحتواها.
  • في بداية حياته، عمل أبو تمام كخياط، بينما بدأت مسيرته الشعرية تتألق في مدينة حمص.
  • لم يقتصر سفره على الشام ومصر فحسب، بل رحل إلى أرمينيا ومدح “خالد بن يزيد الشيباني”، وبعد وفاة المأمون توجه إلى بغداد.
  • في بغداد، أصبح أحد أبرز الشعراء وحظي بعناية الخليفة المعتصم، الذي شهد شعره أثناء فتح العمورية ومشاركته في القضاء على ثورة بابك الخرمي.
  • عاد ليُشيد بـ “عبد الله بن طاهر” في خراسان، ومن ثم عاد مجدداً إلى بغداد.

أسرة أبو تمام

أفراد أسرة أبو تمام ليست معروفة لنا بشكل جيد، إذ لم يُذكر الكثير عن حياتهم، لكن يُعتقد أنه كان لديه أخ يُدعى “سهم” وزوجة وولدان، كما هو مستدل من قصائد رثاء كتبها لأبنائه.

مؤلفات أبو تمام

  • فحول الشعراء.
  • مختار أشعار القبائل.
  • نقائض جرير والأخطل.
  • ديوان الحماسة.

ديوان الحماسة لأبي تمام

  • أحد أشهر مؤلفاته، حيث جمع أجمل أشعار العرب، وصنفها بطرق متنوعة.
  • يتضمن فهارس كأعلام شعراء الحماسة، قوافي الديوان، أنصاف الأبيات لأعلام الشعراء وغيرهم.
  • يحتوي على موضوعات متنوعة، منها المراثي، النسيب، الأدب، المدح، الهجاء، ومختلف الأنواع الشعرية.

بعض أشعار أبو تمام

لمعرفة من هو أبو تمام بشكل أعمق، من الضروري استعراض بعض من أشعاره التي تعكس عظمة فنه والتحديات التي واجهها، والتي جعلته يتفوق على العديد من الشعراء المثقفين مثل البحتري والمتنبي

يقول أبو تمام

لَمّا رَأَيتُ الأَمرَ أَمراً جِدّا وَلَم أَجِد مِنَ القِيامِ بُدّا

لَبِستُ جِلدَ نَمِرٍ مُعتَدّا وَجِلدَ ضِرغامٍ يَقُدُّ قَدّا

جَمَعتُ جَمعَ العَرَبِ الأَشِدّا جَمعًا يُلِدُّ الظالِمَ الأَشَدّا

يَهُدُّ أَركانَ الجِبالِ هَدّا كانَ تَميمٌ لِأَبينا عَبدا

يقول أبو تمام

بالشَّامِ أهلي، وبَغداد الهوى وأنتَ بالرَّقتين وبالفسطاط إخواني

وما أظنُّ النَّوى ترضى بما صَنعتُ حتى تُطوِّحَ بي أقصى خَراسان

خلَّفتُ بالأفق الغربيَّ لي سكناً قد كانَ عيشي به حُلواً بحُلوانِ

يقول أبو تمام

في قصيدته الشهيرة التي كتبها بعد فتح العمورية، والتي تعتبر واحدة من أكثر أشعاره شهرة

السيف أصدق أنباءً من الكتبِ في حده الحدُّ بين الجدِّ واللعبِ

بيض الصَّفائح لا سُود الصحائف في مُتونهن جلاء الشكِّ والرِّيبِ

والعلم في شُهب الأرماح لامعة بين الخميسين لا في السبعة الشُّهبِ

أين الرواية بل أين النجوم وما صاغوه من زُخرف فيها ومن كذبِ

تخرُّصًا وأحاديثًا ملفَّقة ليست بنبع إذا عُدَّت ولا غربِ

عجائبًا زعموا الأيام مُجفلة عنهن في صفر الأصفار أو رجبِ

وخوفوا الناس من دهياء مظلمة إذا بدا الكوكب الغربي ذو الذَّنبِ

وصيَّروا الأبرج العليا مرتبة ما كان مُنقلبًا أو غير مُنقلبِ

يقضون بالأمر عنها وهي غافلةٌ ما دار في فلك منها وفي قُطبِ

لو بينت قطُّ أمرًا قبل موقعه لم يخفَ ما حل بالأوثان والصُّلبِ

فتح الفتوح تعالى أن يُحيط به نظم من الشعر أو نثر من الخطبِ

فتح تفتَّح أبواب السماء له وتبرز الأرضُ في أثوابها القُشبِ

يا يوم وقعة عمورية انصرفت عنك المنى حُفلًا معسولة الحلبِ

أبقيت جد بني الإسلام في صَعَد والمشركين ودار الشرك في صببِ

أمٌّ لهم لو رجوا أن تُفتدى جعلوا فداءها كلَّ أم برَّة وأبِ

النقد الذي تعرض له أبو تمام

  • أول نقد كان بسبب عمق استخدامه للمعاني، حيث اعتبره بعض النقاد مخالفاً لقواعد اللغة العربية.
  • النقد الثاني يتعلق باستخدامه أوصافاً ومعاني غريبة، بالإضافة إلى تشبيهات غير مألوفة للجمهور العربي.

أشهر أقوال أبو تمام

  • السيف أصدق أنباءً من الكتب – قصيدة كتبها بعد فتح عمورية، تتحدث عن الحرب ضد الرومان.
  • بالشام أهلي وبغداد الهوى وأنا بالرقمتين وبالفسطاط إخواني.
  • نقل فوائدك حيث شئت من الهوى، ما الحب إلا للحبيب الأول – واحدة من المقاطع الشهيرة التي ما تزال تُستخدم حتى اليوم.

وفاة أبو تمام

توفي أبو تمام في عام 845 ميلادي في مدينة الموصل بعد أن ترك وراءه إرثًا شعريًا لا يُنسى، كما أن ذكراه مستمرة حتى الآن، حيث يعتبر من الضروري لكل مهتم بالأدب والتاريخ الإسلامي قراءة شعره وفهم معانيه،فقد كتبت قصائد عديدة تعبر عن رثائه بعد وفاته

قال علي بن الجهم في رثاء لأبي تمام

غاضَتْ بدائعُ فِطنَةِ الأوهامِ وعَدت عليهَا نكبَةُ الأيام

وغَدا القريضُ ضئيلَ شَخصٍ باكياً يشكو رَزِيتَهُ إلى الأقلام

قال الحسن بن وهاب في رثائه لأبي تمام

سَقتْ بالموصل القَبرَ الغريبَا سحائِبُ يَنتحِبنَ لَهُ نَحِيبَا

إذا أطلَعنَهُ أطلَقنَ فيهِ شُعيبَ المُزنِ مُنبعقاً شَعيبَا

تحدثنا بالتفصيل عن حياة أبو تمام، بدءًا من نشأته ومسيرته العلمية، وكذلك عن مهاراته الأدبية، فنونه الشعرية المتنوعة، والأعمال البارزة التي تركها،وعلى الرغم من النقد الذي واجهه، تبقى أشعاره ومقولاته تحتل مكانة خاصة في التراث الأدبي العربي، مما يستدعي منا ة ثراء تجربته الفنية.