شهد عام 2020 تحديات هائلة لقطاع النفط العالمي، حيث أدى الانخفاض الحاد في الطلب نتيجة لإجراءات الإغلاق بسبب جائحة كورونا إلى تدهور الأسعار بشكل غير مسبوق،حيث انخفض سعر برميل النفط إلى نحو 12 دولار أمريكي، مما أثر سلباً على الأسواق المالية وأدى إلى تداعيات كبيرة في الاقتصاد العالمي،ومع دخول الأسواق في مرحلة من عدم اليقين، يتساءل الكثيرون عما إذا كان عام 2021 سيشهد تحسناً في أسعار النفط، مع الأخبار المبهجة حول تطوير لقاحات فيروس كورونا،في هذا السياق، يناقش هذا المقال الوضع الحالي لأسعار النفط والتوقعات المستقبلية، مع تسليط الضوء على العوامل المؤثرة في هذا السوق المعقد.

التحليل الفني لنفط خام تكساس WTICOUSD

قبل أن نتناول التوقعات الخاصة بالنفط للعام القادم، من الضروري تحليل سعر نفط خام تكساس، والذي يعد من المؤشرات الأساسية لأسواق النفط،فقد شهدت الأسعار تقلبات كبيرة، حيث انخفضت إلى أدنى مستوياتها في أبريل 2020 عند حوالي 12 دولار أمريكي،ولكن مع مرور الوقت، بدأت الأسعار تتعافى وتستقر عند مستويات تفوق الـ 40 دولار أمريكي، ليصل سعر البرميل حالياً إلى نحو 49 دولار أمريكي،يرجع ذلك جزئياً إلى تعافي قيمة العملات التي ترتبط بأسعار النفط مثل الكرونة النرويجية والدولار الكندي.

عند تحليل انخفاض أسعار النفط في عام 2020 باستخدام مستويات فيبوناتشي، نجد أن السعر استعاد أكثر من 50% من خسائره،وهذا يعكس احتمالية عودته إلى مستويات 78% على مؤشر فيبوناتشي، مما قد يوحي بأن السعر قد يبلغ حوالي 54 دولار أمريكي للبرميل،في حالة تجاوز هذا المستوى، قد تشير الإشارات إلى إمكانية ارتفاع حتى 65 دولار أمريكي للبرميل،ولابد من الأخذ بعين الاعتبار أن هناك عدة عوامل ساهمت في عودة الأسعار على الساحة، مثل ضعف الدولار الأمريكي، وعودة التفاؤل في الأسواق، واستئناف النشاطات الصناعية في الصين.

اتفاق بين روسيا ومنظمة أوبك على رفع الإنتاج

تم التوصل إلى اتفاق بين أعضاء منظمة أوبك وروسيا ل الإنتاج بمقدار نصف مليون برميل في اليوم اعتباراً من يناير 2025،على الرغم من أن هذه الكمية أقل بكثير من هدف 2 مليون برميل التي كانت تسعى الدول لتحقيقه، إلا أن الهدف من هذه الخطوة هو الإنتاج والطرح في السوق رغم استمرار التحديات الناتجة عن الجائحة،يسعى هذا الاتفاق إلى تحسين الإيرادات النفطية و الاستفادة من الظروف الحالية.

في البداية، كانت السعودية ترغب في الاستمرار في تخفيض الإنتاج المتوقع عند مستوى 7.7 مليون برميل في اليوم لثلاثة شهور أخرى، ولكن رغبة روسيا في رفع الإنتاج غيرت هذه الخطة،بينما ضغطت الإمارات على الدول الأعضاء في أوبك للالتزام بحصص الإنتاج كاملة، مما أثر بدوره على تصرفات الدول الأخرى فيما يتعلق بالتخفيضات السابقة.

التوقعات بالنسبة للنفط في العام القادم 2025

على الرغم من الاضطرابات الشديدة التي شهدها قطاع النفط في عام 2020، إلا أنّ انخفاض الطلب لم يكن مجرد حدث عابر، بل يُظهر اتجاهًا مستمرًا بدأ منذ عام 2015،هذا الاتجاه يعبر عن تباطؤ تدريجي في النمو على مدار السنوات، مما يعني أن الطلب على النفط لم يتراجع فحسب، بل أصبح يعاني من تعثر مستمر في الزخم،هذا يضعف معيار التوقعات لتطور السوق في المستقبل، خصوصًا مع التحديات الجديدة مثل رفع إنتاج النفط الليبي، الذي قد يسبب ضغطًا إضافيًا على الأسعار.

علاوة على ذلك، هناك ضغوط بيئية متزايدة تسعى إلى تقليل الانبعاثات الكربونية، وهذا عاملاً طويلاً سوف يؤثر على نمو سعر برميل النفط،بينما يبقى الطلب على وقود الطيران متراجعًا؛ بسبب قلة السفر الدولي، مما ينعكس سلبًا على اتجاهات الأسعار.

عوامل أخرى، مثل ضعف الدولار الأمريكي، قد تلعب دورًا محوريًا في رفع الأسعار،حيث إن الحزم الاقتصادية الأمريكية المتتابعة قد تضعف قيمة الدولار، مما ينعكس بشكل إيجابي على أسعار السلع عامة، بما في ذلك النفط.

توقعات البنوك العالمية للنفط في العام القادم 2025

تتفاوت توقعات البنوك الكبرى في العالم بالنسبة لأسعار النفط، حيث يُتوقع أن ينتهي نفط البرنت عام 2025 بين 50 و 60 دولار أمريكي،توقع بنك غولدمان ساكس أن يصل البرميل إلى 65 دولار في نهاية العام، بينما من المتوقع أن يُغلق نفط خام تكساس عند 55 دولار أمريكي تقريبًا،حالة السوق العالمية تساهم في تحديد هذه التوقعات، فقد توقع وزير الطاقة الروسي أن يعود نفط خام تكساس إلى مستويات ما قبل 2020، حيث قد يصل إلى 65 دولار أمريكي أو أكثر، نظرًا لتعافي الأسواق.

من الجدير بالذكر أن هناك علاقة قوية تربط بين سعر النفط الخام ونفط برنت، حيث يُتداول برنت حاليًا حول 51 دولار أمريكي،في ظل ضعف الدولار، من المحتمل أن يستمر السعر في التحرك نحو المستويات التي كانت موجودة قبل الوباء.

كيف يمكنك تداول النفط في عام 2025

على الرغم من وفرة التوقعات بشأن تحركات سعر برميل النفط، إلا أن التنبؤ بدقة لا يزال تحديًا كبيرًا، بسبب الطبيعة الديناميكية لهذا السوق،تتأثر أسعار النفط بعدد من العوامل، بما في ذلك الظروف الاقتصادية والجيوسياسية، مثل أي تصعيد في التوترات في منطقة الشرق الأوسط، الذي قد يؤدي إلى قفزات سعرية غير متوقعة،تظل القدرة على التنبؤ بسوق النفط محدودة، نظرًا لتداخل العديد من المؤثرات.

المحللون يواجهون تحديات متزايدة في توصيف الاتجاهات المستقبلية، إذ أن هناك قوىً معاكسًة قد تكون عامل ضغط على الأسعار سواء بالصعود او الهبوط،على سبيل المثال، إن الانخفاض في قيمة الدولار الأمريكي قد يحد من تأثير أي ضغوط على الأسعار،ومن الأهمية بمكان مراقبة مؤشر الدولار الأمريكي قبل الدخول في صفقات النفط، حيث أن له تأثيرات بعيدة المدى على أسعار السلع الأساسية.

في النهاية، تبقى سوق النفط بحالة من التقلب والنقص في اليقين،يتوجب على المستثمرين متابعة الأخبار والتغيرات الاستراتيجية لدول الإنتاج الأساسية، مما يساعدهم على اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن تداول هذه السلعة الحيوية،ومع استمرار التوترات الجيوسياسية والمنافسات الاقتصادية، من المرجح أن يبقى النفط في بؤرة الاهتمام على مدار العام القادم.