تُعتبر قضية المسجد الأقصى من أبرز القضايا المعقدة والمهمة في الصراع العربي الإسرائيلي، إذ يمثل المسجد الأقصى مكانة مقدسة لدى المسلمين جميعًا،ومنذ أن وقع تحت الاحتلال الصهيوني في العام 1967، واجه المسجد الأقصى تحديات متعددة تهدد وجوده ومكانته، حيث يسعى الاحتلال الصهيوني بشكل مستمر إلى هدمه وبناء هيكل مزعوم مكانه،يندرج ذلك في إطار عدد من المخططات العدوانية التي تهدف إلى تحقيق أهداف استعمارية تتماشى مع الفكرة الصهيونية، والتي تعتبر المسجد الأقصى عقبة أمام طموحاتهم.

يسعى الصهاينة إلى هدم المسجد الأقصى وبناء مكانه هيكل

بعد الاحتلال، بدأ الصهاينة يهدفون إلى تنفيذ خططهم الطموحة، حيث ادعوا بأنهم يريدون إعادة بناء هيكل سليمان في الموقع الذي يُعتبر حاليًا أقدس المواقع الإسلامية،منذ بداية الاحتلال، وخاصةً بعد حرب يونيو 1967، كانت هناك محاولات ملموسة للسيطرة على المسجد الأقصى،وتمثل هذه المحاولات بوضوح في هدم حي المغاربة المجاور، والذي يعتبر جزءاً أساسياً من المنطقة، مما أثر بشكل كبير على إمكانية وصول المسلمين إلى المسجد.

يُعتبر الصهاينة أن الهيكل المزعوم يُوجد تحت المسجد الأقصى، وهو ما يبرر محاولاتهم في الهدم والتفجير تحت هذه الذريعة،الهيكل، وفقًا للادعاءات الصهيونية، هو المعبد الذي بناه نبي الله سليمان، ويقع المكان التاريخي الذي ساهم في تشكيل جوهر هذا النزاع،وفقًا لهذه الرؤية، تعرض الهيكل للهدم بسبب الصراعات التاريخية المتعددة، لكن لا توجد أية أدلة أثرية تدعم وجوده.

لقد استمر الاحتلال خلال السنوات الماضية في تنفيذ مخططاته الاستعمارية، حيث تزايد عدد المنظمات الصهيونية التي تسعى لتحقيق أهدافها العدوانية،بالإضافة إلى ذلك، تتمثل إحدى المخاطر الكبرى في أن الاحتلال يحاول استغلال الظروف السياسية المتغيرة لضمان تحقيق أهدافه.

في سياق آخر، تدل الأرقام والإحصائيات على أن المسجد الأقصى قد مر بمراحل خطيرة خلال العقود السابقة، حيث تزايدت محاولات الاحتلال لإضعاف المخزون الروحي للمسلمين في المدينة المقدسة،إن الهجمات المتعددة التي يتعرض لها المسجد لا تعدو كونها جزءًا من خطة استراتيجية تهدف إلى إضعاف الإرادة والروح المعنوية للشعب الفلسطيني،

لا يقتصر الأمر فقط على المنظمات الصهيونية، بل إن هناك حالات فردية أيضًا تجري في سياق الهجمات على المسجد الأقصى،ورغم وجود مثل هذه الأنشطة، فإن المسجد الأقصى لا يزال يمثل رمزًا هامًا للقدسية والإيمان للمسلمين،

أسطورة الهيكل

تعتبر الأسطورة المحيطة بهيكل سليمان أحد أهم أوهام الصهيونية، حيث يسعى اليهود ليقنعوا العالم بوجود هذا الهيكل،إن تاريخ تلك الادعاءات يعتمد في الأساس على روايات تم الترويج لها بين الأوساط الغربية، وهو ما عبّر عنه بعض المؤرخين الذين أكدوا أن الهيكل لم يكن له وجود ملموس.

تتفق الأبحاث التاريخية والعلمية على أن الهيكل، كما يدّعي اليهود، لم يُعثر له على أثر، بل يُعتبر مصطلح الهيكل في الكتابات التاريخية خيالًا ليس له جذور فعلية،وذلك يعكس عدم اتساق الرواية الصهيونية مع الحقائق التاريخية المتعارف عليها.

استعادة المقاصد الإسلامية كانت دائماً هي دافع المسلمين عند الفتوحات الإسلامية، حيث دخل المسلمون القدس في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولم يكن هناك معبد يهودي فيها، بل كان المسجد الأقصى قائمًا ومنتشرًا،وقد أكد التاريخ الإسلامي هذا الأمر، حيث كان هناك توجيه قوي لرعاية الأماكن المقدسة وتنميتها.

فتح القدس

من الأمور المهمة حول هذا الموضوع هو الفتح العمري للقدس، الذي يعتبر دليلاً ضد الادعاءات المتعلقة بهدم المسجد الأقصى،عندما فُتحت القدس، كان المسجد الأقصى هو المعلم الرئيسي في المدينة،اتسم المسجد في تلك الفترة بالسعة والرحابة، وتم إحاطته بسور كما كان في العصور السابقة.

يُظهر الفتح العمري كيف أن المسلمين اهتموا بالمقدسات، وقدموا الرعاية المناسبة لها،فلو اكتشف المسلمون معبدًا يهوديًا آنذاك، لقدموا له العناية والاهتمام، كما فعلوا مع المعابد المسيحية في فلسطين،ولأن التاريخ الإسلامي يُظهر التزامًا بالسلام والتسامح، فقد أكدت هذه المبادئ ضرورة عدم تدمير أو الإضرار بالمواقع الدينية التاريخية.

إن هذا التاريخ القوي يُعتبر الأدلة ضد الروايات الصهيونية والتي تؤكد عدم وجود توافقٍ بينهم حول شكل وموقع الهيكل،هناك تناقضات بين اليهود أنفسهم، ما يعني عدم وجود اتفاق موحد على هذا الادعاء،وهكذا، يستمر الصهاينة في السعي لإنجاز أهدافهم العدوانية بالخديعة والمراوغة.

إحراق الصهاينة للمسجد الأقصى

منذ لحظة الاحتلال، قدّر الصهاينة أن المسجد الأقصى هو الهدف الرئيسي الذي يسعون للإجهاز عليه ليتمكنوا من فرض سيطرتهم على القدس،لقد كانت هناك محاولات متعددة للسيطرة على المسجد، وآخرها كان إحراق جزء كبير منه، مما يدل بشكلٍ واضح على نواياهم الخبيثة.

في 21 أغسطس 1969، أقدم أحد المتطرفين اليهود على إحراق جزء من الجامع القبلي،وقد تسبب هذا الحريق في إحداث أضرار جسيمة، حيث أُتلف جزء من التراث الثقافي والديني للمسلمين، وأُحرِق منبر صلاح الدين الأيوبي الذي يعتبر رمزًا لتاريخ النضال الإسلامي في هذه الأرض،توفيرًا لهذا المنبر، قامت الأردن بخطوات الإنعاش والترميم التي استغرقت سنوات عديدة وتطلبت تكاليف باهظة.

أهمية المسجد الأقصى

للمسجد الأقصى مكانة فريدة ومتنوعة في الشريعة الإسلامية؛ فهو يمثل قبلة المسلمين الأولى ومكانًا مرتبطًا بالعبادات والتعاليم دينياً،إذ يحتل المسجد الأقصى مكانة عالية بين المسلمين، يوجد العديد من الأحاديث النبوية التي تشير إلى ثواب الصلاة فيه ومكانته الفريدة،فالنبي محمد صلى الله عليه وسلم أُسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وهو ما دلّل على أهمية هذا المكان في التاريخ الإسلامي.

النقاش حول المسجد الأقصى يتطلب استناداً إلى الأدلة التاريخية والعلمية التي تثبت مكانته ودوره، بالإضافة إلى التأكيد على أن العبادة فيه تحمل ثوابًا كبيرًا، حيث زادت أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم تأكيدًا على ذلك،ومن الضروري على المسلمين إدراك أهمية هذا المعلم الديني، والعمل على حمايته والدفاع عنه.

في الأحاديث النبوية، تخبرنا الأحاديث تفصيلاً عن مكانة المسجد الأقصى وأجر الصلاة فيه، حيث يأتي في طليعة التعبيرات الدينية التقليدية.

بناء المسجد الأقصى

مع مرور الزمن، تعرضت عملية بناء المسجد الأقصى لتغيرات عدة، بدءًا من البناء الأول الذي كان بسيطًا ثم تطورت التصميمات عبر العصور،يشمل المسجد الأقصى اليوم عدة عمارات وأجزاء تاريخية، ويجب أن يتم توثيق هذه العناصر البنائية للحفاظ عليها،خلال العصور الإسلامية المختلفة، تعرض المسجد لهزات أرضية وحروب توالت عليه، ولكن البقايا المستمرة تُظهر قوته الدائمة.

هناك فهم خاطئ شائع حول المسجد الأقصى، حيث يُعتقد أن القبلي ذو القبة السوداء هو الأقصى، ولكن الحقيقة أنه يشمل كل ما تحويه الساحة المحاطة بالسور،مثلت جدران المسجد العسكرية تمثيلًا قويًا لطول العصور الإسلامية التي مرت،تشكّل مساحة المسجد جزءًا من تراث الحضارة الإسلامية.

للمسجد الأقصى مكانة خاصة، حيث يعتبر المعلم التاريخي والروحي، وبالتالي فإن الهجمات المتكررة عليه تمثل هجمة على الإسلام ككل،لذلك يجب أن يُتوقع أن تكون هناك رعاية مستمرة لضمان استمرارية وجود المساجد وكافة المقدسات في وجه العدوان.

لقد تم تحديد العديد من الأهداف التي يسعى الاحتلال لتحقيقها بدوافع سياسية ودينية، مما يتطلب رؤية واضحة لكيفية إدارة هذه المصاعب،إن المسجد الأقصى هو رمز من رموز الحضارة الإسلامية، ويجب الحفاظ عليه بالدفاع عنه ومعرفة تاريخه والايمان بمكانته الروحية.

بهذا نكون قد ألقينا الضوء على التحديات الكبيرة التي تواجه المسجد الأقصى بوجه المحتل،إذ إن الحفاظ على هذا المكان المقدس يتطلب جهدًا من المسلمين حول العالم، حيث أن الممارسات والإجراءات ضد المسجد تعكس صراع الهوية والوجود،نسأل الله تعالى أن تنقلب أيادي المعتدين، وأن يُنصر القدس وأهلها.